این سوره بعدد کوفیان پنجاه و دو آیت است، دویست و پنجاه و نه کلمت، هزار و چهار صد و هشتاد حرف، جمله به مکه فروآمد و باجماع مفسران در مکیات شمرند، و درین سوره ناسخ و منسوخ نیست. و عن ابى امامة عن ابى بن کعب قال: قال رسول الله (ص): «من قرأ سورة الحاقة حاسبه الله حسابا یسیرا»


و فی بعض الآثار من قرأ احدى عشرة آیة من سورة الحاقة اجیر من فتنة الدجال و من قرأها کان له نور من فوق رأسه الى قدمه.


قوله: الْحاقة یعنى: القیامة، سمیت حاقة لانها واجبة الکون و الوقوع من حق یحق بالکسر اى وجب و صح مجیئها للجزاء على الطاعة ثوابا و على المعصیة عقابا. قال الله تعالى: و لکنْ حقتْ کلمة الْعذاب على الْکافرین. اى وجبت. و قیل: مشتق من حق یحق بالضم، تقول حققت علیه القضاء اوجبته. و المعنى: توجب لکل احد ما استحقه من الثواب و العقاب. و قیل: سمیت حاقة لانها حقت کل من حاقها من مکذب فی الدنیا فحقته و غلبته. و قال الکسائى: الحاقة یعنى یوم الحق.


قوله: ما الْحاقة هذا استفهام، معناه التفخیم لشأنها کما یقال زید ما زید؟


على التعظیم لشأنه. قوله: «ما» رفع بالابتداء، الحاقة خبره و الجملة خبر المبتدا الاول.


و ما أدْراک ما الْحاقة اى انک و ان سمعتها لم تعلم بها. لانک لم تعاینها و لم تر ما فیها من الاهوال، و قیل: معناه لیس ذلک من علمک و لا من علم قومک.


کذبتْ ثمود و عاد بالْقارعة اى بالحاقة، فوضع القارعة موضعها لانهما من اسماء القیامة و سمیت قارعة لانها تقرع قلوب العباد بالمخافة، و قیل: معناه: کذبتْ ثمود و عاد بالعذاب الذى اوعدهم نبیهم حتى نزل بهم فقرع قلوبهم. فأما ثمود فأهْلکوا بالطاغیة اى بسبب طغیانهم و مجاورتهم الحد فی کفرهم و هی مصدر، کالعافیة و العاقبة الخائبة. هذا کقوله: کذبتْ ثمود بطغْواها و قیل: الطاغیة الصیحة المتجاوزة فی العظم کل صیحة، اى اهلکوا بالرجفة و الصیحة الطاغیة، و قیل: الطاغیة اسم البقعة التى اهلکوا فیها و قیل: معناه بالفرقة الطاغیة و هم قدار بن سالف عاقر الناقة و اتباعه.


و أما عاد فأهْلکوا بریح و هی الدبور


لقول النبی (ص) «نصرت بالصبا و اهلکت عاد بالدبور «صرصر»

اى باردة فی النهایة و قیل: لها صر اى صوت «عاتیة» اى عتت على خزانها فی شدة هبوبها غضبا على اعداء الله اذن لله لها من دون الخزان. قال قتادة لم تخرج الا مقدار خاتم. و قال ابن عباس: لم تکن فی الدنیا سفوة ریح و لا قطرة مطر الا بمکیال و وزن الا ما کان من ریح عاد فانها عتت على الخزان فلم یملکوها و خرجت على قدر حلقة خاتم و ماء طوفان قوم نوح فانه طغى على الخزان فلم یملکوه و علا فوق کل شی‏ء خمسة عشر ذراعا.


سخرها علیْهمْ اى سلطها و حبسها علیهم سبْع لیال و ثمانیة أیام یقال: اخر اسبوع من شهر صفر. «حسوما» متتابعة ولاء بین اربعاوین اخذ من جسم الجرح یتابع کیا بعد کى لیقطع الدم، و قیل: «حسوما» اى شوما کانها حسمت الخیر عن اهلها، کقوله: «فی أیام نحسات» و قیل: «حسوما» جمع حاسم کالشاهد و الشهود، و الحاسم: القاطع المذهب للاثر، اى قاطعة لدابر اولئک القوم.


فیکون نصبا على الصفة. و قیل: نصب على المصدر. قال وهب: هى الایام التى تسمیها العرب ایام العجوز ذات برد و ریاح شدیدة. سمیت عجوزا لانها فی عجزة الشتاء اى اواخرها و قیل: سمیت بذلک لان عجوزا من قوم عاد دخلت سربا فتبعتها الریح فقتلتها الیوم الثامن من نزول العذاب و انقطع العذاب فترى الْقوْم فیها صرْعى‏ اى لو کنت حاضرا هناک لرأیت القوم فیها، اى فی تلک اللیالى و الایام صرعى، اى هلکى، جمع صریع. کأنهمْ أعْجاز نخْل اى اصول نخل «خاویة» اى ساقطة خالیة من العذوق خالیه منابتها منها، و قیل: خالیة الاجواف، و قال فی موضع آخر: «کأنهمْ أعْجاز نخْل منْقعر» قیل: کان طولهم اثنى عشر ذراعا.


فهلْ ترى‏ لهمْ منْ باقیة اى نفس باقیة کقوله: «هلْ تحس منْهمْ منْ أحد» و قیل: هى مصدر کالعافیة، و المعنى: هل ترى لهم من بقاء.


و جاء فرْعوْن و منْ قبْله قرأ اهل البصرة و الکسائى بکسر القاف و و فتح الباء، اى و من معه من جنوده و اتباعه، و قرأ الآخرون بفتح القاف و سکون الباء، اى و من تقدمه من الامم الکافرة و الْموْتفکات اى قرى قوم لوط یرید اهل الموتفکات، و قیل: یرید الامم الذین ائتفکوا «بالْخاطئة» اى بالخطئة و المعصیة و هی الشرک.


فعصوْا رسول ربهمْ یعنى: لوط و موسى (ع) و قیل: کل امة عصوا رسولهم الذى ارسل الیهم و یجوز ان یکون الرسول بمعنى الرسالة فأخذهمْ أخْذة رابیة اى نامیة زائدة على ما عملوا باضعافها، و قیل: زائدة على عذاب الامم، اى عاقبهم اشد العقوبة إنا لما طغى الْماء اى ارتفع و علا و تجاوز الحد المعتاد حتى غرق الارض. و قیل: طغى على خزانة، اى على میکائیل و حزبه من الملائکة فخرج من الکیل و الوزن و لم یعلموا قدره و حملْناکمْ اى حملنا آباءکم یا امة محمد و انتم فی اصلابهم. فی الْجاریة یعنى السفینة و سمیت جاریة لان من شأنها ان تجرى على الماء.


لنجْعلها لکمْ تذْکرة اى السفینة الجاریة فانها بقیت الواحها دهرا و قیل: لنجعل ما اتخذ على مثالها فان سفن الدنیا تذکر سفینة نوح و کانت اولها، و قیل: لنجعل هذه الفعلة و هی اغراق قوم نوح لکم تذکرة و وجه کونها تذکرة ان نجاة من فیها و تغریق من سواهم، تقتضى انه من مدبر ابدع امرا لم تجربه العادة.


و تعیها اى و تحفظها «اذن» انسان شأنه ان یحفظ ما یجب حفظه.


قال النبی (ص): «افلح من جعل الله له قلبا واعیا، الوعى ان یحفظ السامع ما یسمعه و یعمل به»


و عن مکحول قال لما نزلت و تعیها أذن واعیة


قال رسول الله (ص): «دعوت الله ان یجعلها اذنک یا على» قال على (ع): فما نسیت شیئا بعد ذلک و ما کان لى ان انساه.


یقال الوعى فعل القلب و لکن الاذان تودى الحدیث الى القلوب الواعیة فنعتت الآذان بنعت القلوب، تقول: وعیت الکلام اذا فهمته و حفظته و اوعیت المتاع و الزاد اذا جمعته فی الوعاء، قال الشاعر:


الخیر یبقى و ان طال الزمان به


و الشر اخبث ما اوعیت من زاد.

و منه قوله تعالى: «و جمع فأوْعى‏» فإذا نفخ فی الصور نفْخة واحدة نفخة و النفخ واحد و ذکر الواحد للتأکید لان النفخة لا تکون الا واحدة و هی النفخة الاولى فیمن جعل النفخة نفختین احدیها یموت عندها الناس و الثانیة یبعثون عندها.


و حملت الْأرْض و الْجبال اى حمل ما على الارض من جبال و احجار و اشجار من اماکنها فضربت على الارض.


فدکتا دکة واحدة اى دقتا دقة واحدة فصارتا هباء منبثا. و قیل: دکها زلزلتها. و قیل: دکها ان تصیر قطعة واحدة «لا ترى‏ فیها عوجا و لا أمْتا».


فیوْمئذ اى حینئذ. وقعت الْواقعة التى توعدون و هی قیام الساعة و صیحتها.


و انْشقت السماء


قال على (ع): اى عن المجرة

فهی یوْمئذ واهیة ضعیفة کالغزل المنقوض، و قیل: ساقطة متشققة.


و الْملک على‏ أرْجائها الرجا جانب الشی‏ء مقصور و الاثنان رجوان و الجمع ارجاء. قال الشاعر:


اذا لم تحظ فی ارض فدعها


و حث الیعملات على رجاها

و لا یغررک حظ اخیک منها


اذا صفرت یمینک من جداها

فانک واجد دارا بدار


و لست بواجد نفسا سواها

و الْملک على‏ أرْجائها اى الملائکة على اطرافها و نواحیها و ابوابها.


قال الضحاک: تکون الملائکة على حافاتها حتى یأمرهم الرب فینزلوا فیحیطوا بالارض و من علیها و قیل: الْملک على‏ أرْجائها ینتظر ما یومر به فی اهل النار و اهل الجنة من الثواب و العقاب. و قیل: انما جعلهم فی نواحى السماء لان الکفار یقصدون الحرب لما یرونه من شدة العقوبة و تردهم الملائکة و ذلک معنى قوله: «لا تنْفذون إلا بسلْطان» اى لا تقصدون مهربا الا و هناک لى اعوان و لى به سلطان. و یحْمل عرْش ربک فوْقهمْ اى فوق روسهم یومئذ یوم القیامة. «ثمانیة» اى ثمانیة املاک و جاء فی الحدیث: «انهم الیوم اربعة و اذا کان یوم القیامة امدهم الله باربعة آخرین فکانوا ثمانیة على صورت الاوعال ما بین اظلافهم الى رکبهم کما بین سماء الى سماء


و فی الخبر الصحیح عن العباس بن عبد المطلب قال: کنا جلوسا عند النبی (ص) بالبطحاء فمرت سحابة فقال النبی (ص): «أ تدرون ما هذا»؟ قلنا السحاب فقال: «و المزن» قلنا و المزن؟ قال: «و العنان» فسکتنا. فقال: «هل تدرون کم بین السماء و الارض»؟ قلنا: الله و رسوله اعلم. قال: «بینهما مسیرة خمس مائة سنة و من کل سماء الى سماء مسیرة خمس مائة سنة، و فی روایة اخرى، قال (ص): «فان بعد ما بینهما اما واحدة و اما اثنتان و اما ثلاث و سبعون سنة» قال: «و السماء الثانیة فوقها حتى عد سبع سماوات»: ثم قال: «و فوق السابعة بحر ما بین اعلاه الى اسفله کما بین سماء الى سماء و فوق ذلک ثمانیة اوعال ما بین اظلافهن الى رکبهن کما بین سماء الى سماء و فوق ذلک العرش و الله تعالى فوق العرش»


و عن عبد الله بن وهب عن ابیه: ان حملة العرش الیوم اربعة، لکل ملک منهم اربعة اوجه و اربعة اجنحة وجه کوجه الانسان، و وجه کوجه الاسد، و وجه کوجه الثور، و وجه کوجه النسر و جناحان قد غطى بهما وجهه لئلا یصعق وجهه من نور العرش و جناحان یهفو بهما، و قال غیر وهب: حملة العرش الیوم اربعة ملک فی صورت انسان، و ملک فی صورت ثور و ملک فی صورت اسد، و ملک فی صورت نسر.


روى انه انشد بین یدى رسول الله (ص) قول امیة بن ابى الصلت:


رجل و ثور تحت رجل یمینه


و النسر للأخرى و لیث مرصد.

فقال النبی (ص) صدق، و قیل: فی ثمانیة انه ثمانیة صفوف من الملائکة لا یعلمهم الا الله عز و جل، و الاول اصح و قیل: الخلق عشرة اجزاء جزء الانس و الجن و سائر الحیوان و جزء الملائکة السماوات و الارضین و ثمانیة اجزاء حملة العرش و هم الکروبیون. و الفائدة فی ذکر العرش عقیب ما تقدم ان العرش بحاله خلاف السماء و الارض. و عن على بن الحسین علیهما السلام قال: ان الله عز و جل خلق العرش رابعا لم یخلق قبله الا ثلاثة: الهواء، و القلم، و النور، ثم خلق العرش من الوان انوار مختلفة من ذلک نور اخضر منه اخضر و الخضرة و نور اصفر منه اصفر و الصفرة و نور احمر منه احمر و الحمرة و نور ابیض و هو نور الانوار و منه ضوء النهار.


قوله: یوْمئذ تعْرضون لا تخْفى‏ منْکمْ خافیة قرأ حمزة و الکسائى: لا یخفى بالیاء اى لا یستتر على الله شی‏ء منکم و لا من احوالکم. روى عن ابو موسى الاشعرى قال: یعرض الناس یوم القیامة ثلاث عرضات فاما عرضتان فجدال و معاذیر و اما العرضة الثالثة فعندها تطیر الصحف فی الایدى فاخذ بیمینه و اخذ بشماله و قیل: لیس یعرضهم لیعلم ما لم یکن عالما به و لکنه یعرضهم مبالغة و مظاهرة فی العدل، و قیل: معنى العرض ان یعرف کل واحد ما یستحقه من ثواب او عقاب، و قیل: یعرضون باعمالهم و اقوالهم کما یعرض السلطان جنده باسلحتهم و دوابهم.


فأما منْ أوتی کتابه بیمینه هذا اخبار عن قول الفریقین اذا وصل الیهم کتاب الحفظة فیقول المومنون قیل: نزلت هذه الآیة فی ابى سلمة بن عبد الاسد زوج ام سلمة امرأة النبی (ص) هو اول من هاجر الى المدینة من اصحاب رسول الله (ص) ثم هو عام فی کل مومن. فیقول هاوم اقْروا کتابیهْ تقدیره هاوم کتابى و اقروا کتابى فحذف الاول لان الثانی یدل علیه، اى خذوا کتابى و اقروا و انظروا الى نجاتى لتقفوا علیها، یقال للرجل «هاء» اى خذ، و للاثنین «هاوما»، و للجمیع «هاوم».


یقال: انه کتاب تکون زلات صاحبه فی باطنه و طاعاته فی ظاهره یراها الناس و یقولون: طوبى لهذا العبد، فاذا قرأ کتابه وجد فی آخره انى سترت علیک فی الدنیا و انى اغفر هالک الیوم فیشرق وجهه و یومر بان یقلب کتابه فاذا قلبه راى حسناته و فی آخرها قد قبلتها منک فیقول من فرط سروره: تعالوا اقْروا کتابیهْ و الهاء فی کتابیه و حسابیه للوقف و لاستراحة.


عن زید بن ثابت قال: قال رسول الله (ص): «اول من اعطى کتابه من هذه الامة عمر بن الخطاب و له شعاع کشعاع الشمس» قیل له: فاین ابو بکر؟ قال: هیهات زفته الملائکة الى الجنة.


قوله: إنی ظننْت أنی ملاق حسابیهْ هذا الظن اسم للعلم لیس من الشک و هو فی القرآن کثیر معناه: الیقین سمى الیقین ظنا لان الظن یلد الیقین، معناه ایقنت فی الدنیا انى معاین حسابى فکنت استعد له.


فهو فی عیشة راضیة اى فی حیاة مرضیة یرضى بها صاحبها و خرجت مخرج سائر روى الآى.


فی جنة عالیة قیل: خلق الله الجنة عالیة و النهار هاویة، و قیل: «فی جنة عالیة» المکان عالیة القدر و الشأن.


قطوفها دانیة اى ثمارها قریبه ینالها القائم و القاعد و المضطجع یقطفون کیف شاوا و یقال لهم: کلوا و اشْربوا من نعیم الجنة هنیئا سلیما من الآفات و المکاره لا تنغیص فیها و لا تکدیر. بما أسْلفْتمْ اى بسبب ما قدمتم من الخیرات و الطاعات فی ایام الدنیا الماضیة. قال ابن عباس انها نزلت فی الصائمین خاصة. فی الْأیام الْخالیة اى الجائعة کما تقول: نهاره صائم.


یروى ان الله عز و جل یقول یوم القیامة: «یا اولیائى طالما نظرت الیکم فی الدنیا و قد قلصت شفاهکم عن الاشربة و غارت اعینکم و خمصت بطونکم فکونوا الیوم فی نعیمکم.


کلوا و اشْربوا هنیئا بما أسْلفْتمْ فی الْأیام الْخالیة.


و أما منْ أوتی کتابه بشماله قیل: نزلت فی الاسود بن عبد الاسد اخى ابى سلمة هو له خاص ثم هو عام فی جمیع الکفار. قیل: ینزع یده من صدره الى ما خلف ظهره فیعطى کتابه بشماله فیقول: یا لیْتنی لمْ أوت کتابیهْ.


و لمْ أدْر ما حسابیهْ یتمنى ان لم یبعث و لم یحاسب لما یرى فیه من قبائح اعماله هذا کقوله:ا لیْتنی کنْت ترابا».


یا لیْتها کانت الْقاضیة الهاء راجعة الى موتته یقول: یا لیتنى مت میته قاضیة لا حیاة بعدها یتمنون الموت عند ذلک فی القیامة من شدة ما یقاسونه من العقوبة و کانوا من اشد الناس کراهیة للموت فی الدنیا.


ما أغْنى‏ عنی مالیهْ لم ینفعنى ما جمعته فی الدنیا من الاموال و لم یدفع عنى من عذاب الله شیئا.


هلک عنی سلْطانیهْ اى ضلت عنى حجتى و زال عنى ملکى و قوتى و قیل: کل احد کان له سلطان على نفسه و ماله و جوارحه فیزول فی القیامة سلطانه على نفسه فلا یملک لنفسه. و قیل: ذلک کان بحیث لو اراد ان یومن لقدر على ذلک السلاطة فی اللسان البلاغة و قوة الکلام مع الاصابة و السلیط الزیت و السلطان المکنة و القدرة فی قوله عز و جل: إنه لیْس له سلْطان إنما سلْطانه و ما کان له علیْهمْ منْ سلْطان إن عبادی لیْس لک علیْهمْ سلْطان و مات فلان فی سلطان فلان اى فی ولایته.


خذوه فغلوه القول هاهنا مضمر، اى یقول الله عز و جل لخزنة جهنم خذوه فشدوه بالاغلال، اى اجمعوا یده الى عنقه فی الحدید.


ثم الْجحیم صلوه اى ادخلوه فیها و احرقوه.


ثم فی سلْسلة یقال: تدخل السلسلة فی فیه ثم یخرج من مقعدته و معنى فاسْلکوه اى فاسلکوا فیه السلسلة و لکن العرب یقول: ادخلت القلنسوة فی رأسه، و قیل: هى سلسلة واحدة یدخلون جمیعا فیها و یشد بعضهم الى بعض و قیل: بل لکل واحد سلْسلة ذرْعها سبْعون ذراعا. قال نوف البکائى الشامى: کل ذراع سبعون باعا، کل باع ابعد ما بینى و بین مکة و هو یومئذ بالکوفة، و فی روایة بذراع المترف الجبار، و الجبار عند العرب العظیم الطول. و عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبی (ص) قال: «لو ان رضراضة مثل هذه و اشار الى مثل الجمجمة ارسلت من السماء الى الارض و هى مسیرة خمس مائة سنة لبلغت الارض، قیل: اللیل و لو انها ارسلت من رأس السلسلة لسارت اربعین خریفا، اللیل و النهار قبل ان تبلغ اصلها او عقرها. و عن کعب قال: لو جمع حدید الدنیا ما وزن حلقة منها. و قیل: لو ان حلقة منها وضعت على جبل لذاب من حرها. «إنه کان لا یوْمن بالله الْعظیم».


و لا یحض على‏ طعام الْمسْکین اى لا یطعم و لا یأمر به بل کان یقول: أ نطعم من لو یشاء الله اطعمه. کان ابو الدرداء یقول لامرأته ام الدرداء: نجونا من نصف السلسلة آمنا بالله فحضى على اطعام المسکین للنصف الباقى.


فلیْس له الْیوْم هاهنا حمیم الحمیم: القریب نسبا او ودا او لا ینتفع بحمیمه کما ینتفع فی الدنیا.


و لا طعام إلا منْ غسْلین و هو الصدید الذى ینغسل من ابدان اهل النار.


و قیل: هو طعام اعده الله لاهل النار و هو اعلم به هو بعض ما اخفى لهم، یقال: للنار درکات و لکل درکة نوع طعام و شراب.


لا یأْکله إلا الْخاطون الکافرون الجائرون عن طریق الحق عمدا.


فلا أقْسم لا صلة و معناه: اقسم و دخلت لا موکدة، و قیل: انها نفى لرد کلام المشرکین کانه قال: لیس الامر کما یقوله المشرکون: أقْسم بما تبْصرون.


و ما لا تبْصرون هذا من جوامع کلم القرآن، قال قتادة: اقسم بالاشیاء کلها فیدخل فیه جمیع الموجودات. و قیل: اقسم بالدنیا و الآخرة. و قیل: ما تبصرون ما على ظهر الارض و ما لا تبصرون ما فی بطنها. و قیل: تبصرون الاجسام و ما لا تبصرون الارواح.


و قیل: ما تبصرون الانس و ما لا تبصرون الملائکة و الجن. و قیل: النعم الظاهرة و الباطنة.


و قیل: ما تبصرون ما اظهر الله للملائکة و اللوح و القلم و ما لا تبصرون ما استأثر الله بعلمه فلم یطلع علیه احدا. و قال جعفر: بما تبصرون من صنعى فی ملکى و ما لا تبصرون من برى باولیایى. و قال جنید: بما تبصرون من آثار الرسالة و الوحى على حبیبى محمد.


و ما لا تبْصرون من السر معه لیلة الاسراء، و قال ابن عطاء ما تبصرون من آثار القدرة و ما لا تبْصرون من اسرار القدرة.


إنه لقوْل رسول کریم هذا جواب القسم، اى ان هذا القرآن قراءة رسول کریم یعنى محمد (ص). اضاف القول الیه لانه لما قال قول رسول اقتضى مرسلا فکان معلوما ان ما یقرأه کلام مرسله و انما هو مبلغه و قد یأت القول فی القرآن، و المراد به القراءة قال الله تعالى. حتى تعْلموا ما تقولون اى ما تقرون فی صلوتکم.


و قیل: سبب نزول الآیة ان الولید بن المغیرة قال: ان محمدا ساحر، و قال ابو جهل: هو شاعر فانزل الله تعالى: فلا أقْسم بما تبْصرون و ما لا تبْصرون إنه لقوْل رسول کریم قیل: یعنى جبرئیل (ع).


تنْزیل منْ رب الْعالمین اى ان الذى یقرأه جبرئیل على محمد (ص) و ما هو بقوْل شاعر قلیلا ما توْمنون ما صلة دخلت للتوکید اى قلیلا تومنون.


و لا بقوْل کاهن قلیلا ما تذکرون قرأ ابن کثیر و ابن عامر و یعقوب: یومنون یذکرون بالیاء فیهما. و اراد بالقلیل نفى ایمانهم اصلا کقولک: لمن لا یزورک فلما تأتینا و انت ترید لا تأتینا اصلا. الشعر فی اللغة: العلم، یقال: شعرت اشعر، اى علمت، و شعر الرجل اذا صار شاعرا و سمى الشاعر شاعرا لان الشعر علم برأسه لا یعلمه کل احد. و الکاهن الذى یزعم ان له خدما من الجن یأتونه بضرب من الوحى، و قد انقطعت الکهانة بعد نبینا (ص) لان الجن حبسوا و منعوا عن الاستماع. تنْزیل منْ رب الْعالمین یعنى به القرآن نزل به جبرئیل على محمد (ص).


و لوْ تقول علیْنا یعنى الرسول و لو تحرض و اختلق علینا و اتى بشی‏ء من عند نفسه او زاد فی القرآن او نقص منه.


لأخذْنا منْه بالْیمین اى لامرنا ان یوخذ بیده اخذا بالعقوبة کالسلطان اذا اراد الاستخفاف ببعض رعیته قال لبعض اعوانه: خذ بیده و اخرجه. و قیل: معناه لانتقمنا منه بالقوة و القدرة اى عذبناه و اخذناه بقهر اخذ عقوبة و عبر عن القوة بالیمین لان قوة کل شی‏ء فی میامنه، و قیل: لأخذْنا منْه بالْیمین اى بالحق کقوله: کنْتمْ تأْتوننا عن الْیمین اى من قبل الحق. و قیل: «بالیمین» اى بالعهد الغلیظ الذى اخذنا منه. اى طالبناه بعهدنا لوْ تقول علیْنا.


ثم لقطعْنا منْه الْوتین اى امتناه و اهلکناه، لان الوتین عرق فی القلب متصل بالظهر اذا قطع مات صاحبه. قال ابن عباس: الوتین نیاط القلب. و قال مجاهد هو الحبل الذى فی الظهر اذا انقطع مات الانسان.


فما منْکمْ منْ أحد عنْه حاجزین اى مانعین یحجزوننا عن عقوبته و المعنى: ان محمدا لا یتکلف الکذب لاجلکم مع علمه انه لو تکلفه لعاقبناه و لا یقدر احد على دفع عقوبتنا عنه و جمع حاجزین و هو من نعت احد لان احدا یستعمل فی معنى الجمع کقوله: لا نفرق بیْن أحد منْ رسله و إنه لتذْکرة للْمتقین اى ان هذا القرآن لموعظة للمتقین خصهم بالذکر لانتفاعهم به و التذکرة العلامة التى یذکر بها المعنى و إنا لنعْلم أن منْکمْ مکذبین بالقرآن جاحدین للرسالة و صفات الآلهیه. و قیل: انا لنعلم من یصدق و من یکذب. قال مالک ما اشد هذه الآیة على هذه الامة.


و إنه لحسْرة اى و ان القرآن لحسرة و ندامة على الْکافرین یوم القیامة اذا رأوا ثواب من آمن به و عمل بما فیه و قد خالفوا و ضیعوا العمل به.


و إنه لحق الْیقین مضاف الى النعت تأویله: و انه للحق الیقین و قیل: معناه انه للیقین حق الیقین، کما تقول: هو الجواد عین الجواد. و قیل: انه لحق الامر الیقین ایقن به المومن فی الدنیا فینفعه و ایقن به الکافر فی الآخرة فلم ینفعه.


و قیل: ان التحسر للکافر یوم القیامة کائن لا محالة.


فسبحْ باسْم ربک الْعظیم تأویله فسبح ربک العظیم و الاسم زائد کقول لبید:


الى الحول ثم اسم السلام علیکما


و من یبک حولا کاملا فقد اعتذر

و المعنى: صل له و نزهه عما لا یلیق به فسبحان الله دائما و العظیم الذى کل شی‏ء فی جنب عظمته صغیر.